الجمعة، 20 أبريل 2007
خواطرى عن ثقافة المذهب الواحد ؛؛؛ وقدر المهزوم ... الجزء الأول
دائما كنت أؤيد الفريق القائل بأن الاختلاف يثرى الأمة فكريا وعقديا ؛ ودائما يبرز أشياء ؛ وصفات تتغلغل فى كيان الأمة ثم يكون لها أثرا ... اختلاف الأمة هذا منذ عصر الصحابة رضى الله عنهم دائما مافتح أمام الأمة مجالات أوسع فى التفكير ؛ ومساحات أعمق فى الرؤى ؛ وهكذا ظللنا ؛ وهكذا ترعرعنا ... وهكذا نمت الأمة وسط اختلافات فكرية عميقة لم تؤدى أبدا الى خلاف ؛ بل كان كل من يعتنق مذهبا يؤمن به ؛ يكتفى بذلك ؛ ريشنع على الآخر مذهبه ؛ ولا يفند له رأيه ؛ لايبدعه ؛ ولا يفسقه ؛ ولا يكفره ...عندما كنا كذلك ؛ أرأيتم كيف كان نماءنا الأخلاقى ؛ والفكرى والاقتصادى والاجتماعى والسياسى ؟!كيف ساد الاسلام الدنيا ؟ وكيف حكم بشموله العالم ؟! غير أننا عندما تحجرت أفكارنا ؛ وأعطينا أنفسنا حظوظها من التكبر والغرور وعدم قبول رأى الآخر ؛ أصاب مجتمعنا ذلك التدرج الرهيب من الانحلال الى أن وصلنا لما وصلنا اليه الآن ... ولأننا ُأصبنا فى حاضرنا فقد فقدنا هذه الصلة العميقة الوطيدة بتاريخنا ؛ فأصبحنا نقلد من نرى أنه أفضل منا ؛ رأيت هذا فى تقليدنا الأعمى لكثير من الحضارات الغربية ؛ والثقافات بل والاتجاهات السياسية لغيرنا ، ربما كان هذا قدر المهزوم ؛ غير أننى لن أتحدث هذه المرة عن الأمة بأسرها ؛ بل سأكتفى بأنموذجين عايشتهما ؛ وآمل أن يكون حكمى عليهما صوابا ؛ وأن لا أجافى الحق ؛ ولا أشطط عنه ؛ سأحكى عن مشاهداتى فى مصر ؛ والسعودية ؛لكن دعونى أحدثكم أولا عن السعودية ؛ كبلد غنية اقتصادها حتى الآن مزدهر ؛ تملك المال الذى يؤهلها لكثير من الزعامة فى زمن أصبحت قيمتك فيه ماتملك ! يرى بعض الشباب هناك الحضارة الغربية المتمثلة تحديدا فى أمريكا أنموذجا للحياة المثالية المتكاملة ؛ لدرجة أنك بالكاد ترى سيارة غير أمريكية الصنع يقودها سعودى يعتز بنفسه !!! ربما يكون هذا الانفتاح بعد سنوات كنا نحسبها انغلاقا وان كانت فى حقيقة الأمر احتراما لتقاليد بدوية ، وأضول قبلية ينبغى احترامها ؛ ربما يكون هذا الانفتاح سلاحا ذو حدين يكسب تارة ؛ ويخسر أطوارا ... ربما لم يع البعض هناك ماذا يعنيه ذلك الانفتاح غير المحسوب على حضارة ظلت طوال تاريخها متمسكة بتقاليد عصبية ، واعتبارات قبلية ،،، لا أدرى ماالذى يحدث هناك الآن !!! فى بداية هذا الانفتاح غير المسبوق على أمريكا مع الغزو العراقى للكويت ؛والاحتلال الفعلى لأمريكا فى عقل وجسد المجتمع السعودى ؛ كان رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لهم سطوة ويد ؛ كنا نمشى فى الأسواق نجد رجال الهيئة ينصحون بلين ورفق ؛ وأحيانا بغلظة وشدة حسب مايستدعيه الموقف ؛ كنت وقتها صغيرة أخاف من لحاهم الطويلة وصوتهم العالى ؛ ولكن أبى - رحمه الله _ أفهمنى أنهم يقدمون أغلى خدمة يقدمها انسان لغيره _ النصح _؛ وعندما كبرت أدركت أنهم على ثغر من ثغور الاسلام ؛؛؛ الآن لم يعد للهيئة تلك السطوة ولا حتى الهيبة ؛ لم نعد نراها الا أوقات الصلاة ؛ وبجوار مدارس البنات تحميهن من عبث المراهقين !!!الآن ؛ حاول أن تنظر الى شباب سعودى فى سن المراهقة _ الا من رحم ربى _ جل تفكيره فى سيارته ؛ جواله ؛ تسكعه فى الأسواق ؛نتائج مبارايات فريقه ؛وأحدث أغنيات مطربه المفضل !!! لا أقل من ذلك ولا أكثر ... كنت أعرف فتاة _ ذكرها الله بالخير _ لا ينزل موديل جديد من الهواتف المحمولة الا وتصر على الالحاح عليه حتى يأتيها ؛ وربما الموديل الذى قبله _ لم ينزل مصر بعد !!!_ وحينها تكتفى باعطائه الى والدتها ؛ أو ربما سائقهم ؛ أو حتى تبيعه مستعمل بسعر لايساوى ثمن مااشترته به ؛؛؛ هذا نموذج بسيط ؛؛ ناهيك عن أشياء وأفعال يأتيهاالمراهقون هناك يندى لها جبين المؤمن العادى والله ؛؛ الآن فى الأسواق الكبيرة ؛ بل والصغيرة أيضا يحدثنى من أثق به أن البنات السعوديات أصبحن يخرجن للأسواق كاشفات لوجوههن المليئة بالأصباغ ؛ ولا مانع من اظهار ما أحدثته المصففة فى شعرها !!! كنت قد شاهدت هناك مكياجا خاصا يسمى ( مكياج سوق !!! ) يختص بالعينين واليدين فقط ؛ لكنى لم أكن أتحمل أن يأتى يوم يصبحن فيه هكذا !!!مع كل هذا الانحدار الأخلاقى تجد جماعة قابضة على الجمر حقا ... تتمنى أن تفعل أى شىء غير أن الآذان التى قد أغلقت كثيراا يصعب الآن أن تسمع ؛؛؛غير أن الملهيات الكثيرة التى لاتدع شابا ولا فتاة الا وهو مشغول 24 ساعة فى اليوم فى توافه الأمور كفيلة بأن تغلق الباب أمام أى محاولة لاستماع الآخر ... غير أن الفطرة الدينية التى اعتادت أن تتغذى بمذهب فقهى واحد _ وأكره والله أن أقول ذلك _ يصعب عليها أن تتمسك به فتتركه وتترك غيره لأنها قد لاتعرف غيره ....المجتمع السعودى الآن معرض للانهيار الداخلى الا أن يتغمده الله برحمته ؛ والدين الذى طالما تفاخروا بحمل لواءه ؛ قد لايجد له الا قلة من الرجال هناك _ مع الأسف _ قد يرى غيرى فيما يتعرض له الشعب السعودى الآن انفتاحا ؛ وقد يكون محقا الا أن الانفتاح بهذه الطريقة غير المسئولة وبهذه السبل غير المحسوبة ربما يجر الى فساد ، الله الوحيد العالم بعواقبه ؛ وأعتقد أنهم فى غنى عنه ؛؛ لا أريد أن أحمل الأمر أكثر مما يحتمل ؛ لكن هذا الانفتاح الغير مسبوق وسط المجتمع السعودى يبرز مشاكل أكبر ؛ وشخصيات قد لايكفيها أن تكتفى بمذهب فقهى واحد ؛ فتبتعد عن الدين بالكلية ؛لأن الشاب العادى هناك حينما تواجهه مشكلة ما ؛ لايسأل فيها عالما ؛ بل يكتفى بسؤال مدرسه ؛ أو ربما مدرس التحفيظ ؛ وغالبا لايكون عندهم الا رأيا واحدا غير قابل للنقاش ؛ وغير قابل للرد أيضا ... الشباب فى الغالب هناك عندهم رغبة شديدة فى التدين ؛ لكنهم لا يريدون أن يحرمهم تدينهم هذا من الحياة التى تعصف بنفوسهم عصفا ؛ وهذه هى وظيفة رجال العلم الذين أخذ الايمان بقلوبهم ؛ غير أنهم اما محاطون بتدخل خارجى فى المناهج الدراسية وغيرها ؛ أو بفكر متحجر آثر السلامة واكتفى بما اعتاد عليه الآباء والأجداد ....قد يسأل سائل : ماجدوى كتابتك لهذا الموضوع الآن ؟! وماذا نجنيه ولن يقرأه سعودى ما ؛ يعمل بمافيه ؛وهنا تكمن رغبتى فى كتابة هذه القضية ؛ ولنجعلها جزءا ثانيا لموضوعى هذا ...للأسف واقع المجتمع السعودى هذا هو بالقطع ماننجر اليه الآن رغما عنا ؛ ورغما عن ارادتنا جميعا ...فليكن بقية الموضوع فى التدوينة القادمة باذن الله ...أسأل الله أن تكون هذه الكلمات خالصة لوجهه الكريم ؛ ووالله ماقصدت بها غير ذلك...
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك 9 تعليقات:
فتح الله عليكى من بركاته يا اختى أمل
فحتى هؤلاء الذين يعتنقون المذهب الواحد لا يطبقونه كما ينبغى و لكن يضيف كل منهم حسب أهوائه و رغباته ، و لكنى أراكى تتحاملين على شباب السعودية و لا أنكر قولك فيهم و لكنهم و جميع شباب الأمة في حرب لا يملكون فيها سلاح فسلاحهم و هو الدين قد تهاوي بيد من سبقوهم أو ضيع و غيب عنهم بأيدي مسؤليهم الذين تواطئوا مع الأعداء .............و بالرغم من ذلك فالأمل موجود يا أختى أمل و الرجاء في الله وحده أن ينصر امة الاسلام و يوقظ شبابها.
اكتر حاجة صدمتني لما رحت عملت عمرة.........لقيت محل بيع شرايط كاسيت للمغنيين والمغنيات الاحياء منهم والاموات وبوسترات ليهم طبعا والكلام دا كان علي بعد 5 دقايق من الحلرم المدني كنت متضايق اوي فين طيب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سايبين الكلام ده ازاي؟؟؟؟؟؟؟
مصر احسن بكتييييييييير من السعودية والوضع مختلف تماما
فعلا في ناس للاسف فاهمة الدين غلط رغم حسن نيتها وربنا يصلح الحال
اختي امل موضوع رائع ومهم ويستاهل فعلا يتناقش اعزك الله بالاسلام
ربنا يصلح الحال
الحبيبه أمل...
عندما بدأت فى قراءة هذه الخواطر كان طبيعيا ان يكون رأيك بهذا الشكل خصوصا بعد تداعى الاحداث على امتنا بشكل يجعل الحليم حيران ولكن هلا كانت نظرتك اعمق فى مجتمعات المذهب الواحد كما اسميتيها ...ناقشتك من قبل حول مدرسة الاجتهاد التى كان الفضل فى تاسيسها فى القصيم لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن سعدى ومن بعده تلميذه الشيخ بن عثيمين جمعنا الله بهم فى مستقر رحمته والتى طرحت العمل بالمذهب الواحد جانبا وانتشرت آثار هذه المدرسه فى الجزيره العربيه بعد ذلك ...فالامر اذن ليس فى الشيوخ بل فى العامه ؛قد تختلفين معى فى هذا الامر لكنى ارى ان العالم لايسعى وراء الناس ليعلمهم بل الناس هم من يجب ان يذهبوا اليه ليعلمهم...وطلب العلم فريضه على كل مسلم... فالتخاذل عن طلب العلم الشرعى لا أقول كله بل ما يضمن النجاة واستسهال طلب الفتوى من كل من هب ودب هو ما أدى بالجزيره العربيه الى هذا الحال ولا تعجلى فنحن ايضا على طريقهم ان لم يتداركنا الله برحمته..
معذرة اطلت عليك
تحياتى ..آلاء
وقع بيان المدونين للتضامن مع عبدالمنعم محمود
شارك بتوقيعك
أنشر البيان في كل مدونة تعرفها
ساهم في حرية المدونين .. وحرية منعم
http://free4monem.blogspot.com/
------------
كنت انا قلت لحضرتك على التدوينة دي
فعلا التدوينة خطيرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى
ربنا يوفقك ياارب
غاليتى الحلم العربى
أولا : الرجاء رفع الحظر الخاص بالبروفايل الخاص بمدونتك لأنى لا أستطيع الوصول اليها ...
ثانيا : لم أقصد أبدا التحامل على شباب السعودية ؛ ولكنى كنت أرصد رؤياى لما يحدث هناك ؛صحيح أنه هناك شباب هم حقا شباب للاسلام ؛ لكنهم قليلون فى مواجهة تيار الانفتاح غير المسئول ؛ ما أردت أن أكتبه رؤية خاصة لشباب للأمة من منظورى ؛ ورصدت المجتمعين اللذان عشت فيهما ؛
آمل أن تتضح فكرتى عندما أكتب الجزء الثانى ؛؛؛
تحياااتى لك .......
الأخ : مصراوى اوى :
هذا يحدث وللأسف ؛ كان من المفترض منع الترخيص الخاص بهذا المحل احتراما لقدسية المكان ؛؛؛ ولكن أصروا الا أن يغزونا فى أخص أماكننا ....
فعلا : نحن مختلفون تماما عن هناك ؛ هذا ما أردت قوله ؛ وما سأؤكد عليه ...
جزاكم الله خيرااا
ارابيان جيرل :
ندعو الله أن يصلح الحال ؛ ولكن : ان الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم ...
تحياتى لك ؛ وشكرا على زيارتك ..
الغالية : لؤلؤة :
دعينى أؤكد لك أنى لم أقصد المجتمع السعودى بكامله ؛ وانما ركزت فى كلماتى على كلمات مثل ( معظم ؛ وبعض ) خروجا من مثل هذا الخلط ...
ربما أنت تعرفين ؛ أنه حتى الشاب المراهق عندما يقابله أمر ما ؛ لن يذهب الى لجنة الافتاء لتفتيه بالحل أو بالحرمة ؛ بل سيذهب الى أستاذه أو حتى مدرس التحفيظ ؛؛ وهنا يبرز ياعزيزتى : مجتمعات المذهب الواحد ...
أنا أقدر حقا ؛ وأحمد الله أن يسر لنا معرفة علماء كالشيخ بن سعدى والشيخ ابن عثيمين وتلاميذه ؛ لكن ؛ قبل أن نعرفهم ؛ كيف كانت نظرتنا للمجتمع هناك ؛
وكم من السعوديين يعرفون آرائهم ؟ فما بالك بغير السعوديين ؟!!!!!
آمل أن يتداركنا الله برحمته ......
أنرتى المدونة .....
عياش :
جزاكم الله خيرا ؛ وجعل هذا العمل فى موازينكم ؛ ولا حرمكم الأجر
فك الله قيد أسرى المسلمين ...
وجزاكم الله خيراا على الزيارة ....
انا في انتظار بقية الموضوع حتى يكون التعليق كاملا
الموضوع يحتاج للنقاش بالفعل
مع تحياتي
الحركة الشبابيه لمناهضه الإعتقال – مش هنتاخد
ادخل عندى ضرورى جدا
وسلاااااام
إرسال تعليق