دائما ما آمنت بقدرة الانسان على التكيف مع ظروفه التى نشأ فيها ؛
والا فهو قادر أيضا على خلق ظروف أكثر ملاءمة لحياته ؛ ولطريقة تفكيره ؛ وأسلوب معيشته ؛؛؛؛
ومن هنا نشأت تلك الرؤية الخاصة بى فى هذا الموضوع ؛
والتى يخالفنى فيها كل من أطرحها عليه تقريبا ؛ فقلت اذا لامانع من أن أطرحها عليكم ؛
ربما يمكننى أن أجد مؤازرا بين صفوف المعارضين ؛رؤيتى هذه لم أصل اليها هكذا دون استدلال فعلى ؛ لم تنشأ اعتباطا ؛ بل رأيتها كثيراا ؛
واليوم أنا أكثر ثقة بها عن ماسبق ؛
قبل ثلاث سنوات تحديدا برزت هذه الكلمة على لسانى أول مرة ؛ كنت أناقش والدتى _ حفظها الله _ فى موضوع معين ؛
ثم قلت لها :أساسا : الحب قـــرار .
نظرت الى ساعتها نظرة غريبة تكاد تقول لى _ النظرة _ : بالله عليك أى غباء تقوليه ؟!
ثم سألتنى والدتى : وكيف يكون ذلك ؟
أجبتها : الانسان أحيانا يرى شخص ما ؛ يعجب به نوعا ما ؛ يحس بملاءمة ظروف الطرف الآخر لظروفه ؛ ويشعر بامكانية نجاح هذه العلاقة مع الطرف الآخر ؛ فهنا يتخذ قرارا بأن تصبح علاقته تلك بالطرف الآخر أكثر رومنطيقية ؛ واذا : يقرر أن يحبه .... هكذا بكل بساطة .
يومها اختلفت مع والدتى كثيرا حول هذه النقطة ؛ وتشعب بنا الحديث حول أمور أخرى حتى خلتها لن تتذكر كلماتى هذه ؛
الى أن سمعتها تحدث احدى صديقاتها المقربات لنا وتقول لها : أمل بتقول الحب قرار ...
وهكذا كان على أن أقنع صديقة والدتى أيضا بأن الانسان لايقع فى الحب فجأة هكذا كما كانوا يرون فى الأفلام ؛
بل الانسان يقرر بذاته أن يقع فى هذا الحب ؛؛؛ربما والدتى وصديقتها نشأن فى بيئة أكثر انفتاحا عن بيئتنا ؛
ربما كان الحب عندهم شىء يتنسمونه مع نسمات أيامهم مشبعين بكم هائل من أغانى الحب وأفلامه وتمثيلاياته ورواياته أيضا ؛
فلم يتخيلو أن يكون ذلك الاحساس الذى دائما ماآمنو أنه يطل عليهم فجأة هكذا ؛ ماهو الا قرار نابع من عقولهم !!!
فى الواقع لم أهتم كثيرا بمحاولة اقناع الجيل السابق بجدوى عقلانية الحب أو قلبيته لأنهم ربما لن يقدروا أن الصورة اختلفت كثيرا عما كان فى أيامهم ؛
وبدأت أحدث من فى جيلى ومن هم أصغر منى سنا لأؤكد لهم أننا أحيانا نحب أن نكون فى حالة حب ؛لا أننا نحب فعلا ؛؛؛؛وهذا فارق كبير ؛
نحن لانحب شخصا بعينه وانما نحب أن نكون فى حالة حب بكل مايتبع ذلك من تبعات ؛
فاذا لايفرق معنا كثيرا أن نحب فلانا أوغيره مادمنا أساسا نحب !!!! وهكذا فان عقلنا يتفق فى هذه النقطة مع القلب ليختار ذلك الشخص
المناسب الذى يمكننا أن نعيش معه فى حالة الحب تلك !
والا فما الذى يفسر أن تحب فتاة ما خطيبا لها لم تره الا مرة أو مرتين ثم سافر عنها ؛ يغيب سنة أو أكثر وتظل هى تحبه كل يوم أكثر من السابق _ هذه حقيقة كنت شاهدة عليها بنفسى مع احدى صديقاتى _
لاشىء سوى أننا نتوق الى حالة الحب تلك ؛
ونظل نبحث عن قالب شرعى نقولبها فيه حتى تأتى الخطوبة فيتفق القلب مع العقل !!!
!فى الواقع بعض ممن أعرفهن ممن كن على وشك الوقوع فى حالة حب غير عقلانية اقتنعن بما أردت قوله ؛ ولكن الغالب الأعم ممن أعرف لم يقتنع أبدا بمحاولتى تلك لعقلنة العاطفة ؛
ربما لاعتقادهم المتأصل المشبع أيضا بتراث ضخم من العزف على أوتار المشاعر بأن الحب يدخل الى القلب فجأة هكذا دون مقدمات ...... كيف يكون ذلك الى الآن لم أقتنع ؟؟؟؟
الى أن كان قبل أسبوع أو أكثر تقريبا وكنت أحدث أختى حول قرار الحب ؛
ففجاءتنى بقولها : ان كان الحب قرارا كما تقولين فكيف يصدق عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول : اللهم ان هذا قسمى فيما أملك فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك .
حينها _ صدقا _ بهت ؛ وقلت : اذا كذب عقلى وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم بعدها أبى عقلى الا التفكير حول نظريتى التى ظللت أدافع عنها باستماتة سنوات من عمرى ؛ هل حقا تعارض الحديث !!!!ثم أخيرا اهتديت الى أن الحب أيام الرسول صلى الله عليه وسلم كان ذلك الحب النقى الذى أيضا يتغلغل الى الفؤاد دون ارادة ؛ ولكن أيامهم كانت صافية ؛ وحياتهم كانت نقية ؛ ومشاعرهم كانت راقية ...
أما الآن فلم يعد الحب بذلك الرونق الذى كنا نقرأ عنه ؛ أصبح أكثر جلبا لاحباطات وانكسارات نفسية ؛ لذلك قلما ترى انسانا يخوض فى هذا اللجج دون أن يحطم نفسيا مرة أو مرتين على الأقل .ربما ادراكى لهذا جعلنى أحاول أن أضع حاجزا مضادا لهذا الزخم من العزف على أوتار العاطفة كى لاتجرف أحدا معها ....ولذلك ؛ فأنا الى الآن لازلت مقتنعة أنه فى عصرنا هذا .........
فان الحب قرار يتخذه الانسان ...
* ملاحظة : هذا الموضوع كنت أريد أن أكتب عنه منذ فترة والا فان أى محاولة لربط هذا الموضوع
بموضوع أروى هذا ؛ أو بالدبلة الذهبية التى تحيط باصبعى منذ يومين هى محاولة غير مجدية البتة ... لأنها ليست فى محلها ....